الخميس، 3 أكتوبر 2013

الإحباط الحقيقي و الإعجاز المزيّف


الأول على الدفعة
سألوا "الأول على الدفعة" عن سر نجاحه.
قال : أنا أدرس عشر ساعات يومياً كل يوم ، بدون راحة.
و أحضّر المادة العلمية طوال فترة الصيف لأكون مستعداً للمنهج الدراسي قبل بداية السنة الدراسية. 

مدربة اللياقة البدنية
أختي سألت مدربة اللياقة في النادي الرياضي المجاور عن سر جمالها و تناسق جسدها و لياقتها العالية. 
قالت: أنا أركض ١٠ كيلومترات يومياً.
و أسبح عشرون شوطاً في حمام السباحة ، ثلاث مرات في الأسبوع. 
و أمارس اليوغا و البيلاتس في نهاية كل أسبوع. 
غذائي نباتي بحت ، خالٍ من أي منتجات حيوانية. لا أشرب حتى المرطبات الغازية ، و أتفادى السكّريات بكل أنواعها.  

المعالج بالقرآن
ذهب جاري البسيط إلى المعالج بالقرآن (بدلاً من إستشارة طبيب مختص) لإيجاد حلاً لداء الصدفية.
هذا المعالج التقي الورع أشار عليه …
بأن يتلو آيات و أدعية معيّنة.
و يرتدي حرزاً معيناً. 
و يشرب ماء "مقروء عليه". 
و يصلي عدداً معيناً من الركعات في الليل. 

الأم الخارقة
حدّثتني زوجتي عن "أم خارقة" لديها خمسة أولاد و و ثلاث بنات. 
هذه الأم تطبخ و تكنس و تغسل و تمسح و تدير البيت كله بنفسها بدون خدم. 
هذه الأم تشتري تموين المنزل و تساعد أبنائها على حل واجباتهم المدرسية.
و بالرغم من كل ذلك ، لديها وقت لتقضيه في "تدليع" زوجها أبو عيالها الذي "يعشقها و يموت" فيها. 
و صديقاتها يستفهمون عن سر هذه المرأة الحديدية و يغبطوها على حياتها المتوازنة.  

نصادف في حياتنا هؤلاء الناس. و ليس عيباً أن نستفسر منهم لنتعلم منهم.

هل حياتنا ستتحسن إذا اقتدينا بهم و استمعنا لنصائحهم؟ 
هؤلاء الناس ربما يقدّمون "إستشاراتهم" للغير مقابل "ثمن" معيّن ، و هذا من حقهم.

الإحباط الحقيقي !

أنا حاولت أن أجلس مقابل الكتب عشر ساعات يومياً …
نمت من الملل بعد العشرين دقيقة الأولى !

حاولت أختي أن تركض عشرة كيلومترات يومياً ، لكنها فقدت وعيها من التعب بعد أول خمسمائة متر.
و لم تترك السرير في اليوم التالي بسبب الألم الشديد في كل عضلات جسدها. 
أما عن الحمية الغذائية الصارمة (الريجيم/الدايت) ، فكانت دموعها تنهمر عند تناول كل وجبة.
ذلك لأن وجباتها كانت خالية من الدهون و السكريات و الأملاح والمنتجات الحيوانية. 
بمعنى آخر ، طعامها كان من البلاستيك المقوّى !

و  جاري الذي كان يشكو من داء الصدفية.
بالرغم من إلتزامه بكل تعليمات الشيخ المعالج  بالقرآن.
إلا أن حالته المرضية تدهورت من سيء إلى أسوأ.

أما المرأة الخارقة ، فزوجتي كانت تضرب بها المثل ، و تتمنى لو كانت لديها و لو ربع طاقتها.
كانت تتمنى لو كان حبي لها بمقدار حب زوجها لها.

ربما كان إحباطي حقيقياً و مؤلماً ، إلا أنه كان على ناس مزيّفين !

الإعجاز المزيّف
الأول على الدفعة...
كان يخصص مبالغ ضخمة سنوياً للدروس الخصوصية. و رشوة المدرّسين لتسريب أسئلة الإختبارات قبل نهاية العام.

مدربة اللياقة البدنية ...
لم تخبر أحداً بأنها سافرت إلى دولة مجاورة لإجراء عملية تغيير مسار المعدة (gastric bypass).
قبل هذه العملية كانت تأكل كل ما تشتهيه ، لتتقيّؤه لاحقاً (مرض النهم العصبي bulimia nervosa).
و بعد هذه العملية أجرت عملية "شد" تجميلية لبطنها و صدرها.

الشيخ المعالج بالقرآن ...
رجع جاري (مريض الصدفية) إلى الشيخ ليشكو له تردّي الحال.
فكان رد الشيخ التلقائي (و المتوقع): "لأنك لم تكن خاشعاً و إيمانك لم يكن قوياً".
و الشيخ المعالج بالقرآن نفسه لديه نصيبه من الضغط والسكّر ...
و يصرف أدويته شهرياً من الطبيب في المستوصف المجاور. 

 الأم الخارقة ...
فهي لم تخبر أحداً بأنها تتعاطى العقاقير المنشّطة و تستهلك الكثير من القهوة التركية لتبقى مستيقظة.
هي لا تحتاج للخدم لأن بناتها أنفسهن يؤدّينَ المطلوب من طبخ و كنس و مسح و تنظيف.
أولادها يدرّسون بعضهم البعض لأن الفرق بين أعمارهم ليس كبيراً.
و زوجها الذي "يعشقها و يموت فيها" يمضي أغلب وقته في العمل لأنه لا يطيق البقاء معها تحت سقف واحد.
يسافر زوجها هربا منها للنقاهة ، و يدّعي أنه في رحلة عمل. ويُسكِتها عن "صولاته و جولاته في الخارج" بالمال والهدايا الثمينة بين الحين و الآخر.

ناس من هذه النوعية لا تفضّل كشف الحقيقة و الأسباب مفهومة. 
أما بالنسبة لنا نحن "المعجبين" ، لنفهم بأن ليس كل ما يلمع أمامنا في هذه الحياة ذهباً.   

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق