الظاهر رقم ١
"عبدالوهاب" شاب وسيم طويل القامة. هو في الواقع أطول شخص في العائلة.
وسامته تتمثل في حجم يديه الكبيرتين و بروز جبهته و عرض فكّه.
الظاهر رقم ٢
"محمد" و "فرج" أخوان توأم من مواليد دولة عربية. "محمد" ترك المدرسة في سن مبكرة و عمل في محل للأقمشة. بينما أخوه "فرج" أكمل تعليمه الجامعي في الهندسة و هاجر إلى كندا. محمد نجح في تجارته و أضحى تاجراً غنياً للأقمشة. لكن أمه كانت دائماً تقول له "لماذا لم تفلح في دراستك لتلحق بأخيك فرج في كندا؟"
الظاهر رقم ٣
أمم أخرى متقدمة علينا في العلم و التكنولوجيا و السياحة والإقتصاد ، بالرغم من صغر سنها.
كل إنجازاتها تشير إلى تقدمها القياسي في شتى المجالات إلى درجة مضاهاتها لدول الغرب.
البعض يظن بأنها ستستغني عن النفط كمصدر رئيسي للدخل في المستقبل القريب.
الباطن رقم ١
طول قامة "عبدالوهاب" و ملامح وجهه البارزة و أطرافه الضخمة (Acromegaly) سببها ورم في الغدة النخامية يفرز هرمون النمو بغزارة. هرمون النمو الزائد على المدى البعيد يسبب إرتفاع في ضغط الدم و ضعف في عضلة القلب.
الباطن رقم ٢
"فرج" تخرج من كلية الهندسة و هاجر كندا بالفعل. لكنه يعمل هناك نادلاً في مقهى. ذلك لأن شهادته غير معترَف بها في كندا. حتى إذا كانت شهادته معتَرَف بها ، التنافس على الوظائف لا يرحم. أولوية التوظيف لخريجي الجامعات الكندية المحلية. لذلك وضع "فرج" شهادته الجامعية في إطار فاخر و علّقها في شقته لتصبح جزءاً من ديكور البيت.
الباطن رقم ٣
الأمم "الأخرى" إنجازاتها الملموسة تلفت الأنظار بالفعل. تشيّد ناطحات للسحاب تبهر الأبصار. تجذب كل المستثمرين و المواهب و العقول. لكن لمحة واحدة للتاريخ القصير لهذه الأمم يكفي لمعرفة البئر و غطاه.
ليس لديها بنية تحتية. و لا دستور. و لا حقوق إنسان. المساواة فيها معدومة. تقييم الناس يتم حسب العرق و الأصل و اسم العائلة و الدين و المذهب بدلاً من الكفاءة. "الرجل" فيها هو العالم كله. بينما المرأة فيها مكسورة الجناح تعيش فقط تحت ظل الرجل لتخدمه.
هذه الأمم لديها برلمان صوري بديمقراطية زائفة (هذا إذا كان لديها برلمان أصلاً).
هذه الأمم تعتقد بأن المال يشتري كل شيء.
لذلك تشتري اللاعبين المحترفين لمنتخباتها. و تشتري العلماء للتدريس في جامعاتها.
و تشتري الطائرات المدنية (و الطيارين أيضاً) بالجملة لدعم أسطولها الضخم.
و تشتري بالمال أهل الإختصاص لكل إختصاص.
أما عن وضع الإعلام في هذه الأمم فهو المضحك المبكي.
تغطيتها الإعلامية مكثّفة لأي إنجاز ضخم. و تعتيمها الإعلامي لأي فضيحة أو فساد فيها.
لا تدرك هذه الأمم بأن كاميرات الهواتف النقالة و الانترنت تفضح أي فساد مستور في عصرنا هذا.
الإعلام في هذه الدول يشابه الأم التي تفرض على أبنائها الإبتسام أمام الكاميرا لإقناع العالم بأن حياتها الأسرية سعيدة. أو الممثل الكوميدي الذي يصفّي كل من لا يضحك على نكاته ليقف أمام جمهوره المرعوب ليضحك على أي نكتة مهما كانت "بايخة".
"علاقتنا بالغرب هي كالعلاقة بين التلميذ و الأستاذ. بينما علاقة العرب بالغرب هي كالعلاقة بين البائع و المشتري".
هذه الحكمة البليغة منسوبة إلى أسد ماليزيا "د. مهاتير محمد" (لا أعلم إن كانت حقاً حكمته).
القصد من هذا المقال أن ظاهر الأمور غير باطنها. و الأشياء ليست كما تبدو. و ليس كل ما يلمع ذهباً.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق