السبت، 1 يونيو 2013

أنت تصنع التاريخ، شئتَ أم أبَيت.

صنّاع التاريخ لديهم طموح لا مثيل له. و إرادة و ظروف ملائمة تجعل الفرد منهم محطّماً للرقم القياسي في رياضةٍ ما ، أو مؤسساً للدستور و الديمقراطية في بلاده ، أو فائزاً بجائزة نوبل ، أو مخترعاً لجهاز يغير حياة البشرية الى الأفضل ، أو مطوّراً لدواء يتقذ به حياة الملايين. 

الأغلبية الساحقة من الناس تعتقد بأن "صناعة التاريخ" تنحصر فقط في القادة من أهل الدين والسياسة والعلم والرياضة ومن سار على نهجهم. لكن أرض الواقع تفرض حقائق أخرى. في رأيي المتواضع ، كل إنسان على وجه هذا الكوكب يصنع التاريخ يومياً وهو لا يدري، شاء أم أبى.

صناعة التاريخ أقصد بها "الذكرى" التي يتركها المرء وراءه في عقول و قلوب الغير. هذه الذكرى تتخلّد شفهياً أو تحريرياً. سواء في نفس الزمان التي ظهرت فيه أو في أي زمن آخر. محتوى هذه "الذكرى" من قول أو فعل أو إنجاز يتخلّد بغض النظر عن جودة محتواها. 

ما لا يعلمه الكثير عن صناعة التاريخ أنها مهمة يشارك فيها الجميع. 
فالموظف الذي يطوّر في تخصصه إلى الأفضل بإتكاراته و إبداعاته يصنع التاريخ. 
و المعلّم الذي يبسّط المادة العلمية لتلاميذه و يجعلها سلسة و ممتعة لهم يصنع التاريخ. 
و الطبيب الذي يراعي مرضاه كأنهم من أهله و يشد من أزرهم في مكافحة مرضهم يصنع التاريخ. 
و الأم التي تربّي أبناءها لتجعل منهم جيلاً يفتخر بهم الوطن (و ربما العالم) تصنع التاريخ. 
و الزبون الدائم الذي يبتسم للنادل في المقهى يومياً يصنع التاريخ. 
والطالب المتفوق الذي يساعد زملائه قدر الأمكان لينجحوا ، يصنع التاريخ. 

وللأسف صناعة التاريخ هذه لديها جانبها المظلم (والمخيف أيضاً). 
فالمدرّس الذي يضرب تلاميذه فقط ليشبع ميوله السادية يصنع التاريخ. 
والمسئول الذي يفصّل عمله ليناسب راحته (وراحة المحسوبين عليه) ويستجيب لأي شكوى بعبارة "مش حأقدر أفيدك"، يصنع التاريخ. 
و الطالب المتفوق الذي يخفي أسرار تفوقه عن زملائه يصنع التاريخ. 
و الطبيب المتكبّر الذي يرى نفسه أرقى من كل الناس فقط لأنه طبيب ، يصنع التاريخ. 
و الذي يصرخ في فترة الأزمات "أنا و بعدي الطوفان" ،  بعد انتهاء هذه الأزمات ، يصنع التاريخ. 
و الزوج الذي يعامل زوجته أو أبناءه كأنهم دون البشر ، يصنع التاريخ. 

لذلك ، صناعة التاريخ ليست فقط مسئولية يتحملها الجميع ، و أنما هي إلى حد ما ، مخاطرة أيضاً. 

سؤال المليون: ما هو التاريخ الذي ستصنعه؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق