الثلاثاء، 27 ديسمبر 2011

كيف تخفف كمية العمل على نفسك؟

 طرق شيطانية "ما تخرّش الميّة"

مقدمة
قال المسيحيون "أبرَع حيلة ابتكرها ابليس إقناع الناس بعدم وجوده".
مهنة الطب بطبيعتها شاقة.  في دول العالم الثالث ، حيث راتب الطبيب لا يتناسب مع مجهوده العقلي و الجسدي ، زائداً على ذلك الاحباط الناتج عن الفساد الاداري بشكل عام ، وغياب الشغف بشكل خاص. ابتكر بعض الأطباء العرب طرقاً مختلفة لتخفيف كمية العمل على انفسهم.

كل الطرق لها نمطاً واحداً يحتذيه كل أطباء دول العالم الثالث بالعموم و الأطباء العرب بالخصوص. اختزلت هذه الطرق "الشيطانية" الى نقاط كُتِبَت بلهجة ساخرة. الغرض منها ايصال رسالة في غاية الجدية لزملائنا الأطباء حديثي العهد بالذات.

قبل كل ذلك أود توضيح جانب مهم من هذه السلوكيات. هناك بعض الأطباء في بداية مشوارهم المهني تعلموا الأخلاقيات من أساتذتهم لا شعورياً ظناً منهم بأن هذه السلوكيات ليست خاطئة لأن "قدوتهم" يمارسون الطب بهذه الطرق (خوش قدوة).
تخفيف كمية العمل في مهنة الطب يتم على سبع خطوات ، كل خطوة مرتبطة بالخطوات الأخرى. 

الخطوة الأولى: لا تخف من ربك.
قال علي بن أبي طالب (ع) "لولا التقوى لكنتُ أدهى العرب".
أياً كان دينك ، خوفك من ربك سيجعلُكَ متفانياً في عملك و التفاني يتمَحوَر على احترام النفس البشرية و تقديس مهنة الطب. التفاني في هذا السياق ليس وراؤه غير التعب. اذا كنتَ تخاف من ربك و تريد أن ترتاح في الوقت نفسه ، تستطيع أن تقسم دينك الى قسمين: الطقوس و السلوك. إلتزِمْ بالطقوس كلها (صلاة ، صيام، زكاة ، و حج). أما السلوك ، فلا تلتزم به، و بذلك إحساسك بالذنب سيضمحل تدريجياً الى أن ينعدم. 

الخطوة الثانية: لا تستحِ.
قال رسول الله (ص) "ان كنت لا تستحِ ، فافعل ما شئت".
الإنسان أياً كانت عقيدته (حتى لو كان مُلحِداً)  لا بد وان تكون لديه درجة من الكرامة و الحياء و النخوة. 
فإذا انتهى دوامك ، و رأيتَ مريضاً في حالة حرجة في الطوارئ، اتركه و ارحل ، حتى لو لم يكن هناك طبيباً آخَر يباشره غيرك. و اذا طلبَ منك زميلك أن تغطيه في الدوام لتخليص حاجة لديه ، لتكن إجابتك بالرفض دائماً.
كن هجومياً عصبياً و عدوانياً (اذا استدعى الأمر). بهذه الطريقة تكوّن لنفسك سمعة سيئة ، فلا يقترب منك أي مريض ، و لا أحد من الزملاء يطلب مساعدتك إلا اذا كان يائساً. يجب عليك ان "تذل" المرضى قدر المستطاع. بهذه الطريقة لن يلجأ اليك غير المريض اليائس الذي ليس له سواك بعد الله.
تعلّم أن تأخذ دون أن تعطي. و عندما أقول "تعطي" أقصد أي عطاء...
لا تقدم نصائح لأحد.
ولا تقدم إستشارات مجانية.  
اذا كان لديك كتاب مفيد ، لا تذكره لزملائك حتى لا تعم الفائدة.
لا تدرّس من ينقصك خبرة ، سواء كانوا طلبة طب أو أطباء حديثي التخرج، إجعل وجودهم معك بلا فائدة.  

الخطوة الثالثة: أكمِل دراساتك العليا مبكراً لتترقى سريعاً.
في دول العالم الثالث ، يقلّ عملك و تقل مسئولياتك مع كل ترقية. لذلك ، احرص على إكمال  دراساتك العليا و لا تؤجلها. كما يفضّل أن تكون شهاداتك من أوروبا أو أمريكا الشمالية، لأن المجتمعات الشرقية بشكل عام تعطي الأولوية لشهادات هذه الدول المتقدمة.

الخطوة الرابعة: ابحث لك عن "ظهر" تستند عليه. 
و بالظهر أعني أحد كبار الشخصيات ، صاحب نفوذ و قوة. يخدمك هذا الشخص اذا اشتكى عليك مريض أو زميل. المشكلة في "الظهر" انه عادةً يستخدمك مثلما تستخدمه. إعتبِر خدمتك له ضريبة رمزية مقابل الحماية التي سيوفرها لك. 

الخطوة الخامسة: أتقِن الفنون الثلاث (التحويل و التوزيع و الفلسفة).
أ. التحويل: عندما تتخلص من مريضك و تحوّله الى طبيب آخر بأي طريقة.

مثلاً مريض يشكو من ضيق في التنفس: طبيب الصدر يشخّص المشكلة على انها بسبب ضعف في القلب.
بينما طبيب القلب يشخص المشكلة على انها أزمة ربو.
و المريض يتنقل بين أطباء القلب و الصدر مثل كرة تنس الطاولة (بينغ-بونغ) دون ان يقبله أحد من الطرفين.

ب. التوزيع: الطبيب يعرف التشخيص الصحيح للمريض. و لكنه "يوزع المريض" بطلب الإستشارات للزملاء في التخصصات الأخرى.

خدمة "الاستشارة": عندما نطلب رأي الطبيب المختص اذا كانت المشكلة مستعصية. استخدم هذه الخدمة لكل مريض ، و بالتالي نصف أطباء المستشفى سيفحصون و يعالجون مرضاك بينما تجلس أنت في كافيتيريا المستشفى لقراءة الجرائد.

مثال: انت طبيب طوارئ. يأتيك مريض كبير في السن لديه أمراض مزمنة (جلطة قديمة في القلب، ربو، سكر، روماتيزم، فقر دم مزمن ، و قصور بسيط في الكلى). شكواه الرئيسية التي أتى بها هي زكام بسيط. هنا يأتي فن التوزيع:

اطلب استشارة طبيب القلب لأن المريض لديه جلطة قديمة في القلب
اطلب استشارة طبيب الكلى بسبب القصور البسيط في الكلى
اطلب استشارة طبيب الصدر لأن المريض يأخذ أدوية ربو
اطلب استشارة طبيب الروماتيزم و طبيب الدم و طبيب الغدد الصماء ...الخ.

زملاؤك من التخصصات الأخرى سيتضايقون منك و يشتكون عليك و لكنك لا تهتم. أنت طبقتَ الخطوة الثانية والرابعة. و استهلاك الموارد (طلب الكثير من الفحوصات بدون داعٍ) ليس مهماً لديك أيضاً لأن "مال عمّك لا يهمك". في نهاية المطاف ، اذا كنتَ ستأخذ المريض لا محالة ، لتكن هذه العبارة على لسانك "ماعندناش سراير" لسد الباب في وجه المريض اليائس.

ج. الفلسفة: إستخدام اللف و الدوران و "تأليف" الدليل العلمي لتفادي العمل.

مثال: الجلطة الرئوية الحادة ، حالة خطرة و طارئة و مميتة ما لم يتم تشخيصها و علاجها مبكراً. لتأكيد تشخيص الجلطة هناك طريقتان: اما بالأشعة المقطعية بالصبغة للصدر (تخصص طب أشعة) ، أو بالأشعة النووية (تخصص طب نووي).

هنا يكمن التفلسف ، عندما يقول لك طبيب الأشعة بأن تشخيص الجلطة الرئوية أفضل بالأشعة النووية ، بينما يقول لك أخصائي الطب النووي بأن التشخيص بالأشعة المقطعية أفضل. و كل واحد يثبت لك بالدليل "العلمي" بأن طريقة الفحص في غير مجال تخصصه أفضل (تذكّر الخطوتين الأولى و الثانية).

الخطوة السادسة: اجعل رئاسة القسم هدفك.
في دول العالم الثالث القيادة تشريف لا تكليف. المنصب يعطيك الحق في "تفصيل" الوظيفة حسب احتياجاتك و راحتك الشخصية. تستطيع ان تعفي نفسك من المناوبات الليلية، على سبيل المثال.

و الأمر لا يتوقف عند رئاسة القسم فحسب، فمن المستحسن أن تكون عضواً في أي لجان علمية أو هيئة تدريسية أو برنامج للدراسات العليا. بهذه الطريقة تستطيع أن "تقبض" البَدَلات من هذه المناصب المتعددة دون الحاجة لأن تكون عضواً فعالاً فيها.

تحذير: بصفتك رئيساً للقسم ، سيكون مكتبك بوابة لشكاوى الموظفين.

ردك على أي شكوى يكون واحداً من ثلاث ردود: 
١- أنا عايز داتا (Data): والمقصود بالداتا هنا "الإحصائيات" التي تثبت صحة الشكوى. 
٢- مش حأقدر أفيدك.
٣- إزا مش عاجبك الشغل ، قدم إستقالتك.

و إذا زادت الشكاوى على بابك ، نادِ صاحب الشكوى و تحدّث معه عن حالك عندما كنتَ في مكانه، على شرط أن تبدأ الموضوع بعبارة "أنا لما كنت في أمريكا / كندا / أوروبا". اشرح له بإسهاب عن حالك عندما كنتَ في مرحلة الدراسة انها كانت أسوأ من حاله. 

الخطوة السابعة: كن سلبياً الى أبعد الحدود. تذكّر النقاط المهمة التالية:
أفضل طريقة لتقليل حوادث المرور هي إبقاء سيارتك في المرآب (الجراج).
كذلك في سير العمل. الخطأ وارد عند الناس التي تعمل فقط.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق