الاثنين، 31 أغسطس 2015

دكتور الطقوس

لدي حسابين في بنكين مختلفين. أحدهما بنك الخليج. و بنك آخر لا حاجة لذكر إسمه.

 بنك الخليج وَعَدَ عملاءه بأن زمن انتظار العميل في خدمة الصرافين لن يتعدى العشر دقائق. و أوفوا بوعدهم. الصرّاف يقضي حاجة كل عميل بسرعة فائقة ، و يضغط على جرس الأرقام لينادي العميل التالي. 

بينما في البنك الآخر...
انتظرتُ دوري في خدمة الصرافين لأكثر من أربعين دقيقة بالرغم من أن فرع البنك في تلك الفترة لم يكن مزدحماً.

لماذا يا ترى؟
لاحظتُ بأن الصرّاف يمارس "طقوس خاصة" بعد إتمام كل عملية:

١. "يتمقّط" أو يتثاءب. 
٢.  يراجع برامج التواصل الإجتماعي في هاتفه النقّال: سناب تشات - تويتر - انستغرام - فيس بوك ...الخ.
٣. يتحدث و يضحك مع زملائه. 
٤. يرتّب مكتبه. 
٥. يخلّص معاملات العملاء من أصحابه و أقربائه دون إلزامهم بأخذ رقم و إنتظار دور.
٦. بعد ذلك ينادي العميل التالي.

أنا طبيب. لا أفهم في إدارة البنوك. لكن من الواضح أن بنك الخليج يسعى لإرضاء عملائه. ربما لديه آلية لمكافأة الموظف الذي يتمم أكبر عدد من عمليات في أقصر وقت ممكن. أما  البنك الآخر ، فعلى الرغم من تفوقه على بنك الخليج في عدد الفروع و السّمعة و الأقدمية ، إلا أن في الظاهر ، رضا العميل ليس من أولوياته. 

نفس الظاهرة موجودة في بيئة عملي. 
بعض الأطباء يمارسون "طقوساً" معينة قبل بدء مهام عملهم. لذلك "فخامة" الطبيب لا يشرف مرضاه بطلعته البهيّة إلا بعد فترة طويلة من الزمن. فإذا قيلَ للطبيب مثلاً: "دكتور، هناك مريض ينتظرك في الطواريء أو العيادة".

الطبيب المناوب يقوم من سريره.

١. يستحم. أو على الأقل يغسل وجهه و يديه.
٢. يتوضأ و يصلي فرض الصلاة.
٣. يتحدث مع أصحابه بالهاتف.
٤. يتناول وجبته إذا صادف و حضر المريض وقت إفطار أو غداء أو عشاء.

 ينتظر المريض لساعة أو ساعتين دون داعٍ. فقط ليعطي الطبيب المبجّل وقتاً لممارسة طقوسه "المقدّسة". 

سؤال: يا ترى ما سبب هذه الطقوس؟

ربما الطبيب يكره وظيفته.

ربما الطبيب لا يجد الرضا الوظيفي الكافي في مهنته.

ربما الطبيب يسير بعقلية القطيع: أمارس الطقوس لأن غيري يمارس الطقوس.

ربما الطبيب يرى الطقوس جزءاً من حصانته "الطبلوماسية".

ربما قدوة الطبيب كان راعي طقوس أيضاً.

و غيرها ١٠٠٠ "ربما" و "ربما". لكننا لا نعلم بالتأكيد.
  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق