الثلاثاء، 19 فبراير 2013

الفيل في الغرفة

إقرأ الأربعة سيناريوهات الافتراضية التالية. 

السيناريو الأول: قالت الأم...
أنا لا أتحكم في حياة أولادي ولا أتدخل في شئونهم، ولكنني...
- أفضل أن يكمل ابني دراسته الجامعية داخل البلاد لأن الغربة صعبة و أنا لا أستغني عن إطلالته البهية كل يوم.
- و أفضل أن يتزوج من إحدى بنات أخواتي (أفضل و أولى من الزوجة الغريبة) ، و لكي تتسنى لي رؤيته كل يوم. 
- و أفضل بعد زواجه أن يسكن في إحدى شقق بيتي الكبير كي يوفر على نفسه الإيجار و أستطيع أن أزوره كل يوم.

السيناريو الثاني: قال أحد الزملاء في العمل...
أنا لا أؤمن بالعنف و لا أحبه.
- و لكنني في يوم من الأيام شككت في شرف زوجتي، فشددتها من شعرها و رميت على رأسها  المكواة، مما تسبب في إصابتها بنزيف في الرأس. حدث كل ذلك دون التحقق في عفّتها مسبقاً.
- و ذهبت الى الخباز الذي بجوار بيتي ، حملته من خصره و رميته في الفرن (التنور) لأن خبزه الذي أعطاني إياه كان حجمه أصغر من المعتاد. 

السيناريو الثالث: قال رئيس مجلس الطلبة للطلبة المستجدين...
بغض النظر عن ما سمعتوه ، كل الطلبة في الفصل متعاونون مع بعضهم البعض و متكاتفون و على قلب واحد كالبنيان المرصوص.

السيناريو الرابع: قال السيد الرئيس القائد المهيب الركن حفظه الله...
بلادنا بخير. فصحراؤنا يملأ النفط جوفها. و مزارعنا تنتج أفضل و أجود المنتجات الزراعية في العالم. و بحرنا مليء بالأسماك من مختلف الأنواع. خدماتنا التعليمية و الصحية الأفضل في العالم. و متوسط دخل الفرد هو الأعلى من نوعه في العالم. لا توجد في بلدنا أمية ، فالكل متعلم. ولا يوجد في بلدنا فساد ، فالكل أمين وضميره حي. و الديمقراطية بخيرها تعم ، و الشعب يشارك القيادة في إدارة شئون البلاد. بالمختصر: بلادنا جنة الله على الأرض.
   
ما هو العامل المشترك بين السيناريوهات الخيالية الأربع؟
إذا دخل فيل في غرفتك ، هل سيلفت انتباهك وجوده أم لا؟ 
المصطلح الانجليزي "الفيل في الغرفة" (the elephant in the room) يستخدم إذا كانت التصريحات و الآراء تتناقض مع الأمر الواقع ، والمستمع لا ينتبه لهذا التناقض و يصدق ما يسمعه. 

في السيناريو الأول: إذا كنت يا سيدتي لا تتحكمين في أولادك وهذه قوانينك ، فماذا كنت ستفعلين إذا كنت "تتحكمين" فعلاً في أولادك؟

 في السيناريو الثاني: ما هو تعريف العنف لديك يا زميلي و هذه أفعالك؟ أسألك لربما مفهوم العنف لديك يختلف عن المفهوم العام!

في السيناريو الثالث: يا رئيس مجلس الطلبة المبجل، هل تجد الطلبة المستجدون أغبياء إلى هذه الدرجة؟ في كل مدارس و جامعات العالم هناك خليط "كوكتيل" من الطلبة، منهم الأناني و المتعاون والمجتهد والكسول و الناشط و السلبي. فعلى أي أساس صرحت بأن كل الطلبة على قلب واحد؟

و في السيناريو الرابع: سيادة الرئيس ، البلاد فيها الخيرالكثيركما تفضلت. ولكن الناس جائعة ، لا تستطيع توفير قوت يومها. والمواطن ليس له كرامة. والملايين من المواطنين يهاجرون سنوياً للدول المجاورة لطلب لقمة العيش والحياة الكريمة ، والذي يجرؤ على قول كلمة الحق يغيب وراء الشمس. فأي "جنة" تتكلم عنها سيادتك ؟ 

الخلاصة
يجب علينا أن ننتبه دائماً الى الفيل في الغرفة. هذا إذا رغبنا أن نفكر كالأحرار. 

و سلامتكم.